القائمة الرئيسية

الصفحات

GOOGLE SEARCH

قصة قصيرة بعنوان: ثلاث صفحات من سيرة ليست ذاتية


بقلم: د.السيد مختار القهوجي
صفحة الميلاد : كان يهذي ... الزمان والمكان .. خيوط متقطعة في عمق ذاكرة التكوين .... إنه يخشي الضوء ... الستار مسدل ... القوقعة بلا نافذة ... بلا باب ... بلا هواء ... لكنه اعتاد الوحدة ... سنون مضت ... قضاها يتأمل المشاهد المكررة ... والقدمين الضامرتين ... وشروخ الحوائط العميقة بعمق الجرح .... ....
لم ينتظرها أبداً .... لكنها طرقت الحائط فجأة ... تجاوزت ملايين الحواجز .... تسربت إليه من بين شرايينه ... توسوس له : التقطْ فأسك ... ازحفْ ... تسلقْ الحائط المفعم ببقايا الزجاج والطين ... وقصاصات الأمل ... هشِّمْ قوقعتك ... لعلك تسترد بصرك .... من جديد ...
صفحة التكوين : للمرة الأول يتنفس ... زلزال بحجم اليقين ... أزال الزجاج والطين ... وبدد خرافة الحائط ... التقط قصاصاته ... والتقط معها نظراتها الآمنة ... الآملة ... المحفزة ... شعر أن بداخله قوة من روحها ... نهض ... هرول إلي الجبل .... احتضن الشمس - أخيراً – بصدر نحيل ... أبلاه الترقب ...
كانت تسعي إليه .... تكشف عنه الحجاب ... تشير بكلتا يديها ... إلي طريق واحد ممتد ... للمرة الأولي ... لم يعد يخشي القوقعة ... كانت تسير إلي جواره في اتقاد وتوهج ... تنير له طريقه الواحد .. . بقلب ... ومداد ... وأمل ... للمرة الأولي ... يسير علي قدمين ...
صفحة الموت : فجأة ... توارت الشمس ... ... ضاق الطريق ... ... غطي الليل فوهة البركان .... وغابت النجوم خلف تفاصيل مبهمة من سد صخري منيع ... كان الخوف ظهيره العنيد ...
تعثر ... نهض ... ثم سقط – أخيراً – إلي السفح ... حاول النهوض ثانية ... لكنه تعثر في جسدها ... أدرك – سريعاً – أنها ماتت ... أدرك أن قوقعته مازالت قابعة علي آماق البصر ... مازالت شامخة ... راسخة في مكانها ...
أدرك أنه ... كان يهذي ... أسرع إلي الداخل ... عاد يهذي من جديد ... يتأمل المشاهد المكررة .... والقدمين الضامرتين ... وشرخ الحوائط العميقة ... بعمق الجرح ...

تعليقات

ladex
madex